الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

خطأ أم خطيئة*؟!

يتوجه كثيرٌ من الآباء بقدحٍ لأبنائهم عظيمٍ و تقريعٍ إذا ما ارتكبوا أحقر الأخطاء؛ إذ لا يحق -طبقاً لمنطق الآباء- لابنٍ من البنين أن يخطئ، و إلا كان العقابُ جسيماً.

و هنا سؤالٌ دخيلٌ لا أجد له إجابةً لدى الآباء تشفي لهيباً يستعر فيني:

أليس من حق الصغير -كما للكبير حق- التجربةَ فالخطأَ فالتعلم؟!


و سؤال آخر لا بد يليه:

هل خَلَتْ أعمار الكبار المديدة من أخطاء؟!

فكيف -بالله- تعلموا؟!


و على ذلك، و إذا كان الصدقُ -كما لقننا الدين العظيم- منجاةً و رفعةً و حُسنَ عاقبةٍ، و الكذبُ -تبعاً لتعاليم الدين الحنيف- وبالاً و خيبةً و سوء مآلٍ، فإنَّ معاملةً كهذه لا بد تعكس قطبيْ مفاهيم عقل الصغير: فتراه يلجأ للكذب مخافة العقوبة إنْ هو صدق؛ و تراه ينفر من الصدق نفورَه من شيطانٍ رجيمٍ خُلقَ من نارٍ سمومٍ تحرق أصابعه الدقيقة، فتُهلكُها.


عندها، ترى بين يدي الصغير كذباً أسودَ فاحماً يحاكي سواد الليل إذا جنّ؛ و ترى عقله خاملاً، خاوي الفِكر؛ و ترى شخصه يرزح تحت سطوة جبروت الكبت، جباناً رعديداً، يهاب تجارب الحياة جميعاً، لا يلتقم إلا ما يُطعمه أبواه من بنات أفكارهم؛ ثم إذا ما شبّ يكون عالةً على غيره، يترنح فيهم كالمخمور يمنةً و يسرة، متشائماً من عواقب التجربة، لا يحسن في الحياة صنعةً و لا تصريفاً لشؤونه و لا تدبيراً.


و بحرمانٍ من تجربة الحياة و جورٍ في معاملة الصغير كذيْنكُم، أنشأنا لنا نشْءاً عمادُه روافدُ هشةٌ من الزيف و ضعف الذات.


فأنَّى له في الحياة -بعد ذلكم- أن يحيا؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) أعني بـ (الخطأ) هاهنا ما يكون من سقْطٍ في أمرٍ من أمور الدنيا، و أعني بـ (الخطيئة) ما يكون من ذنبٍ يجترّ السيئات؛ فبأيهما وقع الأبناء كيما تكون تلكم عقباهم؟!

و درءاً لمغبة سوء تلقي المتلقي، فلستُ أدعو -في ما سبق من مقال- إلى ترك الآباءِ أبناءَهم همَلاً، و لكني أصبو إلى أن يعيَ الآباء أنما تلكم هي تجاربهم و قناعاتهم و حيواتهم، فماذا عن تجاربنا و قناعاتنا و حيواتنا نحن الأبناء؟!
ثم، أليس لنا في حيواتنا حقَّ إحداث التغيير، و لو لم نتبع خُطاهم؟!

هناك 5 تعليقات:

اكتب ما بدا لك، لكن...بضمير!