
و نظراً
لضعفنا البشري -تارة أخرى-، فإن مقاصدنا و مآربنا تتباين -بالكلية- مهما اتفقت، و
هنا تولد الطامة؛ فينحدر الصدام قادماً إلى الحياة عبر رحم الاختلاف -المنسل من
سلالة البشر-؛ إذ إنه جزء من تكويننا.
و لأن
للنفس البشرية غرائزها و شهواتها و نزواتها و ملذاتها، و نظراً لاختلاف الأنفس و
مذاهبها و مشاربها، تعددت -لذلك- وجهات النظر، ليختلف البشر و يتفرقوا، كلٌّ بحسب
ما تشرَّب و تشبَّع.
و بدافع
الانتصار، يسعى كل -و إني من اللفيف- إلى إثبات صحة وجهته و سلامة منظوره، لا
بالإقناع المدروس، بل إما بأسلوب الحاذق العليم ببواطن الأمور و كاشف ما خبئ منها،
أو بأسلوب المتعصب المغرور، و كأنما -في الحالين- يزدري مَن دونه، فيما هو -كما
يظن- مَلَك راقٍ برجاً عاجياً فوق رؤوس الخلائق.
إنّ تعدد
وجهات النظر و تضارب الأقوال يُنظر إليهما -بنظرة البشر الآنيّة القاصرة- على
أنهما خصومة جامحة و تحد سافر؛ و لو أننا -و أنا بالتبعية- استألفنا وجهات النظر و
تعددها، لوجدناها تصب في نهر مصلحتنا؛ لتزيده حلاوة و بَرَكة؛ إذ إن تعدد الآراء
ليضفي رحابة و سعة و متنفساً لذواتنا البشرية و قدراتنا المحدودة، و يهبنا عدداً
لا محدوداً من الخيارات المتاحة.
و كان هذا
من فضل ربي؛ ليبلوني أأشكر أم أكفر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ما بدا لك، لكن...بضمير!