الأحد، 24 يونيو 2012

مكْرُ العَسكر*: لماذا <مرسي>؟!

أمَا و قد وضعتْ انتخابات الرئاسة المصرية أوزارها و حاز خزائنَ مصر مَن حاز، فإنَّ لي استقراءاتٍ للواقع أبثُّها.

و إني بـ "الخديعة" مُكَنِّيها!

فإنه لَمن المعلوم لدى المهتمين بالشأن المصري من المتتبِّعين أنه، و منذ الأيام الأولى لِطلائع الناخبين إلى آخر أيام جولة الإعادة، كان مرشح الإخوان <مرسي> متقدماً -أمِن داخل مصر أو حتى خارجِها- على خصمه <شفيق> -ربيب النظام البائد- بتعدادٍ من الأصوات المؤيدة لا يستهان به، ما جعل منه مرشحاً لِنيْل الرئاسة -عند عامة الشعب- بشكلٍ حاسمٍ لا يقبل التشكيك، إلا ما كان من تزوير.

و قد حدا هذا بالمجلس العسكري -و قُبيل انقضاء زمن الانتخابات- أنْ يعلن عن كشفِه تدليساً انتخابياً -لِكِليْ المرشحيْن- زامنَه مَدٌّ في عُمُرِ الانتخابات، افتعله ذلكم المجلس كيما يستدعيَ الأمرُ إرجاءَ الخلاصِ إلى النتائج النهائية، ما أتاح له -و هو العارف بصعوبةِ انتصار <شفيق> و دنوِّ <مرسي> من مصر و مُلكِها- أنْ يجترح دستوراً تكميلياً له من البنود ما يذَرُ الرئيس الأقرب -<مرسي>، في تصوُّره- جسداً مُكبَّل الأطراف أو حتى مبتورَها، فلا حول له -من دونِها- و لا قوة.

فلما أن جاء يوم الفصل الموعود بين الخصيميْن، كان معلوماً لدى المجلس العسكري -بحُكم اضطلاعه في الشأن المصري الداخلي حتى النخاع- هويةَ الرئيس القادم -الذي هو <مرسي> فيما بعد-، و الذي أُرغِم المجلس العسكري على القبول بولايته على مضضٍ و تجرُّعِها كما العلقم.

أقول: "أُرغِم، و على مضضٍ"؛ لِسببين.

فأما الأول: فلأن صناديق الاقتراع -و هي أمل الثورة- كانت تصطفي -بكل الحزم و الوضوح- <مرسي>، و أنَّه أنما أيُّ تفوُّقٍ يحرزُه <شفيق> -أمام هذه الطفرة الإخوانية الساحقة العارية للعيان- سيعني عند الشعب تلاعُباً من قِبل المجلس العسكري بالنتائج، لا يضمن الأخير من عند الشعب له عاقبة.

و أما الثاني: فلأن المجلس العسكري راعى -على كيدٍ منه و دهاءٍ- كوْن الثورة المصرية التي أشعلتْ البلاد قبل عامٍ خلا -أو يزيد- ما اندلعتْ في ربوع مصر قاطبةً كيما يسوسَ البلادَ حُكمٌ هو امتدادٌ جائرٌ لحُكم <مبارك>، قد يُفضي بالشعبِ إلى ردِّ فعلٍ لا يأمن المجلس له -كذا- مُنتهى.

لهذا، كان حقاً على المجلس العسكري لزاماً أن يرتقيَ <مرسي> -بدلاً من <شفيق>- عرش مصر سلطاناً؛ كتماناً منه للحشود المستعِرة، و درءاً منه لِخرابٍ مُستطيرِ الشَّرَر قد يطال مصر إذا ما اعتلى فتيلُ <شفيق> عرشَها.

غيرَ أنَّه -و في الكفة الأولى- ما كان للمجلس العسكري -بعد ذلكم كلِّه- أنْ يتنازل عن السلطة لِصالح الإخوان بلا مقابلٍ أو ثمن، فما لبِث -كما أسلفتُ- أنْ ألزم <مرسي> -على الكفة الأخرى- بدستورٍ تكميليٍّ أرعنِ البنود، دسَّه له في ثنايا مقاليد الحُكم قبل أن يتسلَّمها، فحجَّم له به السُّلطة بين يديه؛ و بات المجلس العسكري -على إثرِه- قرير العين، متوسِّداً إحدى ذراعيْه و محلِّقاً في قبضة الأخرى بعُنُق <مرسي>. 

و حُقَّ لي أن أتساءل عندها: ما مَلِكٌ مُصفَّدٌ بقيودِ دستورٍ تكميليٍّ بحُكمِه فاعِلٌ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(*) إن المدقِّق -و بمعلوميته المسبقة باستحواذ <مرسي> على الغالب من الأصوات معظم الأوقات- لَيرى في النتائج النهائية بين المرشحيْن -و إنْ بُعيد استبعاد آلاف الأصوات- تقارُباً لصيقاً لا ينبغي، يشي بعبثِ المجلس العسكري الذي جعل منها -ربما لتكسُّبٍ شعبيٍّ آتٍ- نتائجَ هي أدعى للتصديق عند حزبٍ طريِّ عهدِ الحكم في مصر و عند أمةٍ لَطالما داعبتْ الديموقراطيةُ أحلامَها و سعتْ لها سعياً.

و إلا، فإنِّي لَأظن نتائج <مرسي> قد جاوزتْ تِلكُم بكثيرٍ، بيْد أنَّ المجلس العسكري أجهض بعضاً منها؛ كسراً منه لِشوكة الإخوان و تثبيطاً من عندِه لِنشوتهم بالنصر، و ذلكم يتمثل في إعلامهم أنهم ما حازوا عدا ثقةِ ما يربو بقليلٍ على النصف من الشعب، ما يجعل <مرسي> في سعيٍ حثيثٍ -في المستقبل القريب-: فإمَّا إرضاءً للنصف الآخر، أو فـ "على الكرسي السلام"!

هناك 4 تعليقات:

اكتب ما بدا لك، لكن...بضمير!